المستحق للعبادة هو الله تعالى ، فمن عبد غيره فقد خاب وخسر . فيمن رأى كأنه يعبد غيره دل على أن مشتغل بباطل مؤثر لهوى نفسه على رضا ربه . فإن كان ذلك الصنم الذي عبده من ذهب ، فإنه يتقرب إلى رجل يبغضه الله تعالى ، ويصيبه منه ما يكره ،وتدل رؤياه على ذهاب ماله مع وهن دينه . وإن كان الصنم من فضة ، فإنه يحصل له سبب يتوصل به إلى امرأة أو جارية على وجه الخيانة والفساد . فإن كان ذلك الصنم من صفر أو حديد أو رصاص ، فإنه يترك الدين لأجل الدنيا ومتعاها ، وينسى ربه . وإن كان ذلك الصنم من خشب ، فإنه ينبذ دينه وراء ظهره ويصاحب واليا ظالما أو رجلا منافقا ، ويكون متحليا بالدين لآجل أمر من أمور الدنيا ، لا من أجل الله تعالى وقال بعض المعبرين : إن رؤية الصنم تدل على سفر بعيد ،وقيل : إذا رأى الصنم ولم ير عبادته نال مالا وافرا فإن رأى كأنه يعبد نجما أو شجرة : فإنه رجل دينه دين الصابئين وهمم من القوم الذين وصفهم الله تعالى فقال ( مذبذبين بين ذلك ) ـ النساء : 143 . وقيل : إن هذه الرؤيا تدل على أن صاحبها يتقرب إلى خدمة رجل جليل يتهاون بدينه فإن رأى كأنه يعبد النار : فإنه يعصي الله تعالى بطاعة الشيطان ، أو يطلب الحرب . فإن لم يكن للنار لهب ،فإنه حرام يطلبه بدينه ، لأن الحرام نار . فإن رأى كأنه تحول كافرا ، فإن اعتقاده يوافق اعتقاد ذلك الجنس من الكفار فأن رأى كأنه تحول مجوسيا : فإنه قد نبذ الإسلام وراء ظهره بارتكاب الفواحش
فإن رأى كأنه يهودي ، فإنه يترك الفرائض فتصيبه عقوبتها قبل الموت ، ويتلقاه ذل ، لأن اليهود اعتدوا بأخذ الحيتان يوم السبت ، وعصوا أمر الله وعتوا عما نهوا عنه ، فمسخهم الله تعالى قردة . فإن رأى كأنه قيل له يا يهودي وعليه ثياب وهو تارك لتلك التسمية ، فإنه في ضيق ينتظر ا لفرج ، وسيفرج الله تعالى عنه برحمته ، لقوله تعالى ( إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء ) ـ الأعراف : 156
. فإن رأى كأنه تحول من دار الإسلام إلى دار الشرك ، فإنه يكفر بالله تعالى من بعد إيمانه فإن رأى كأن يده تحولت يد كسرى ، فإنه يجري على يده ما جرى على أيدي الأكاسرة والجبابرة من الظلم والفساد ولا تحمد عاقبته . فإن رأى كأن يده تحولت كما كانت أولا ، فإنه يتوب ويرجع إلى ربه جل جلاله ، وكل فرعون يراه الرجل في منامه فهو عدو الإسلام ، وصلاح حاله يدل على فساد حال أهل الإسلام وإمامهم . وهذا في الرؤيا مستمر ، فإن كل من رأى عدوه في منامه سيئ الحال ، كان رؤياه صلاح حاله هو . وكل من رأى عدوه حسن الحال كان تأويلها فلساد . فإن رأى كأنه تحول أحد فراعنة الدنيا ، فإنه ينال قوة وتضاهي سيرته سيرة ذلك الجبار ، ويموت على شر . وكذلك إذا رأى كأن بعض أموات الجبابرة حي في بلد ظهرت سيرته في تلك البلد والتحير في كل الأديان جحود ، ومن رأى كأنه متحير لا يعرف لنفسه دينا فإنه تنسد عليه أبواب المطالب ، وتتعذر عليه الأمور ، حتى لا يظفر بمراد ولا ينال مراما مع اقتضاء رؤياه وهن دينه والكفر : في التأويل يدل على غنى ، لقوله تعالى (كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى ) ـ العلق : 6 ـ 7 وقد يدل على الظلم ، لقوله تعالى (والكافرون هم الظالمون ) البقرة:254 . ويدل على مرض لا ينفع صاحبه علاج ، لقوله تعالى ( سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون )البقرة :6
. فكثرة الكفار كثرة العيال والشيخ الكافر عدو قديم العداوة ظاهر البغضاء ،والشيخ المجوسي عدو لا يريد هلاك خصمه ، والشيخ اليهودي عدو يريد هلاك خصمه ،، والجارية الكافرة سرور مع هنا ومن رأى كأنه فسد دينه سفه على الناس وأذاهم ، كما لو رأى نفسه سفه فسد دينه ، لقوله تعالى ( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ) ـ الجن : 4 الزنار والمسح : يدلان على ولد إذا كان فوق ثياب جدد ، وانقطاعهما موت الولد . وإذا كانا تحت الثياب ، دلا على النفاق فلي الدين ، وإذا كانا مع ثياب رديء ، دلا على فساد الدين والدنيا. وقيل :: من رأى كأنه يهودي ورث عمه . ومن رأى كأنه نصراني ورث خاله أو خالته . فإن رأى كأنه يضرب بالناقوس ، فإنه يفشي بينا لناس خبرا باطلا ، فإن رأى أنه يقرأ التوراة والإنجيل ولا يعرف معانيهما فإن مذهبه فاسد ورأيه موافق لرأي اليهود . قال الله تعالى ( وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) ـ البقرة : 44 رأى رجل الحسن البصري كأنه لابس لباس صوف ، وفي وسطه كستيج وفي رجليه قيد،وعليه طيلسان عسلي ،وهو قائم على مزبلة ،وفي يده طنبور يضرب به ، وهو مستند إلى الكعبة . فبلغ ذلك ابن سيرين فقال : أما درعه الصوف فزهده وأما كستيجه فقوته في دين الله ، وأما عسليه فحبه للقرآن ، وتفسيره للناس ، وأما قيده فثباته في ورعه ، وأما قيامه على المزبلة فدنياه جعلها تحت قدمه ، وأما ضربه الطنبور فنشره حكمته بين الناس ، وأما استناده إلى الكعبة فالتجاؤه إلى الله عز وجل